كُتاب الجمهورية يعلقون على رحيل البابا .. والبابا الجديد الذي تريده مصر
بابا .. الوطن !
سمير الجمل
** كان هذا الرجل مصرياً حتي النخاع حتي في أيام مرضه الأخير.. وعندما ادرك ان لحظة الوداع قد حانت رفض السفر إلي الخارج.. استسلاما لمشيئة الله.. في تراب الأحباب
** لذلك عندما فكرت في تقديم التعازي إلي الأصدقاء والأحبة من الأقباط تراجعت.. لأن الراحل يخص كل المصريين.
** ومن فضل الله وعنايته وكرمه ان نتبادل الرثاد في مواطن رفيع المستوي.. اروع ما قدمه لبلاده انه حاول في كافة الأوقات ان يغتدي "الوطن" بوطنيته الجارفة.
** وقد طبق البابا شنودة في حياته تلك الحكمة التي تقول: "كل الخصوم يمكن هزيمتهم إلا نفس المرء إذا ضعفت واعلم ان القوة تستمد من فظاعة الألم"
البابا الجديد الذي تريده مصر
بقلم :بسيوني الحلواني
لم تودع مصر عالم دين مسلما ولا رجل دين مسيحيا كما ودعت البابا شنودة الثالث. فقد نعت كل أجهزة الدولة الرسمية وكل تنظيماتها الشعبية ومؤسساتها الدينية الرجل وقالت في مشاعره الوطنية وحكمته الدينية وحنكته السياسية شعرا ونثرا وعددت كل وسائل الإعلام المصرية مآثره. وأعلنت السلطات الرسمية الحداد الوطني علي رحيل البابا وهو الأمر الذي لم يحدث من قبل إلا عند رحيل رئيس الجمهورية.
يستحق البابا شنودة عند رحيله كل هذه المشاعر الفياضة من المسلمين والمسيحيين في مصر فقد عاش الوطن ظروفا وأحداثا صعبة كشفت عن حكمة الرجل وإدراكه لمحاولات القوي المعادية لمصر استغلال ورقة الفتنة الطائفية لضرب وحدة المصريين وكان دائما يعالج هفوات وزلات القساوسة بحرفية دينية وسياسية نادرة.
لذلك يستحق هذا الرجل الحكيم أن نحزن عليه وأن ندعو الله أن يرزق مصر خليفة له يحمل صبره وحكمته وقدرته علي التعامل مع الأحداث الكبري بوعي بالأخطار المحدقة بالوطن.
لقد رحل البابا شنودة في ظروف عصيبة تمر بها مصر فمحاولات ضرب وحدة المصريين وإشعال نار الفتنة الطائفية لا تتوقف. وهذه الظروف الصعبة وتلك المحاولات المستمرة من خصوم مصر تفرض علي المجمع المقدس الذي سيقوم باختيار البابا الجديد أن يعلي صوت الحكمة وألا يلتفت إلي الأصوات النشاز التي تطالب برجل تصادمي لا يحمل هدوء واتزان البابا الراحل لمواجهة التيار الإسلامي الذي يسيطر علي كل شيء في مصر فالاستجابة لهذه الأصوات المتطرفة داخل الكنيسة تعني تنفيذ مخططات وتحقيق أهداف أعداء مصر فالبابا التصادمي سيشعل نار الفتنة وسيتعامل مع الأحداث الصغيرة التي تحدث يوميا في كل محافظات مصر بعصبية وتعصب وسيحولها إلي مشكلات وأزمات كبري والثمن الباهظ ستدفعه مصر كلها ولن يكون الأقباط بمنأي عن ذلك بل سيدفعون ثمن تهور واندفاع قيادتهم.
لقد كان البابا الراحل هادئا ومتزنا لكنه كان قويا تعمل له الدولة ألف حساب وأكد من خلال تجربته الطويلة مع أحداث الفتنة الطائفلية أن قوة القائد ليست في عصبيته وانفعالاته بل في تعامله الواعي مع الأحداث عندما كان البابا الراحل يغضب من تصرف الحكومة كان يذهب إلي وادي النطرون ويعتكف وكان هذا الاعتكاف أقوي من أي موقف آخر وكان اعتكافه يزعج كل المسئولين في الدولة.
من هنا ينبغي أن يدرك أعضاء المجمع المقدس أن البابا التصادمي سيؤدي إلي مزيد من الصدام وسيحول الأحداث الصغري إلي أحداث كبري وسيدفع الصغير والكبير إلي الجرأة والتطاول عليه فمصر بعد الثورة لم يعد فيها كبير والعاقل هو الذي يحافظ علي هيبته بحكمة وحسن تدبر دون اللجوء إلي العنف والتهور.
مسئولية المجمع المقدس كبيرة فالبابا الهاديء المتزن سيسهم بالطبع في تحقيق الاستقرار في مصر والبابا التصادمي سيشعل النار الكامنة تحت التراب والوطن في أمس الحاجة الآن لقادة سياسيين وشعبيين ودينيين يتمتعون بالحكمة وحسن القيادة حتي تجتاز مصر الظروف العصيبة التي تمر بها.
من مصلحة إخواننا الأقباط أن يكون قائدهم الروحي رجلا متزنا يعلي مصالح الوطن العليا علي المصالح الشخصية لبعض الأقباط ويدرك أن استقرار مصر والحفاظ علي وحدتها يعني المزيد من المكاسب والاستقرار لأقباط مصر جميعا.
من مصلحة أقباط مصر أن يعيشوا في كنف الوطن الكبير الذي يحتضنهم ويرحب بهم ولا يلتفتون إلي شياطين الجن والإنس الذين يزينون لهم الباطل ويدفعون المتعصبين منهم إلي المطالبة بوطن مستقل وهو تفكير شيطاني يرفضه ويدينه عقلاء الأقباط في مصر والذين يمثلون الغالبية العظمي منهم.
من مصلحة أقباط مصر أن يكون البابا القادم قائدا روحيا يملك الحنكة السياسية ويجيد التعامل مع القوي السياسية والدينية التي علا صوتها وارتفعت اأسهمها بعد الثورة وانتزاع حقوق إخواننا الأقباط من السلطات السياسية والشعبية والتنفيذية التي فرضتها التحولات الجديدة في مصر لا يعني الصدام وإطلاق التهديدات والتحالف مع القوي المعادية لمصر واستفزاز الغالبية المسلمة.
لا نريد "بابا" يردد ما سبق أن ردده الأنبا بيشوي الذي قال للمسلمين إننا أصحاب الوطن وأنتم الدخلاء وعالج البابا شنودة هفواته بحكمته المعهودة.. ولا نريد بابا من نوعية القساوسة الذين قادوا الشباب المسيحي المتحمس في أحداث ماسبيرو وأظهرتهم مقاطع الفيديو وهم يرددون كلاما غير مسئول من شأنه إشعال نار الفتنة بين أبناء الوطن.
مصر في أمس الحاجة إلي بابا متسامح يحب وطنه ولا يفرط في حقوق الأقباط ويتعامل بعقل وحكمة ووعي سياسي مع الأحداث الصغري والكبري.
اللهم أعن أعضاء المجمع المقدس علي اختيار هذا الرجل الذي يحتاجه الوطن وأبعد عنهم كل وسطاء السوء الذين لا يريدون لمصر أمنا وسلاما.
شنودة فقيد الإسلام والمسيحية
بقلم :عبدالحليم محمد
لكل أجل كتاب. ولكل عمر نهاية. ولكل بداية غاية. وعدها الله سبحانه وتعالي غيره من جميع المخلوقات. فسبحانه هو الذي يغير. ولا يتغير. ولا يستطيع إنسان كائن ما كان أن يغير سنن الكون. مهما يؤتي من سبل التقدم والرقي والحضارة. فقد وقف عاجزاً أمام قضاء الله وقدره. حين تصيبه النعم التي لا تحصي. وبجوارها النقم التي تكدر حياته. وأخيراً يأتيه الموت حين يخطيء الطبيب. ويصيب القدر. وما موت رجال الدولة والوطنية البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازه المرقسية إلا مثل واضح علي سنة الله في خلقه. لا تقف أمامها قوة ولا يردها عن غايتها سوي خالق الخلق سبحانه!!.
طرأ موت البابا شنودة فجأة علي مصر كلها. بعد رحلة مرض وعلاج طاف خلالها علي أكثر المستشفيات تقدما في معظم بلاد العالم المتقدمة في الطب. وعلي رأسها الولايات المتحدة الامريكية والتي عاد منها قريبا للمرة الأخيرة من رحلته المرضية. والتي انتهي عمره بعدها فلم يستطع الطب في أغني بلاد العالم أن يقف أمام الموت بعد أن حتم القضاء ونفذت إرادة الله. الذي لاراد لقضائه ولا سخط علي بلائه وهنا فجع العالم كله بفقد رمز عظيم من رموز الوطنية بمصر والعالم. وقائد كبير من قواد المسيحية في عصرنا الحاضر والذي أجبر العالم كله مسلميه ومسيحييه علي توقيره واحترامه لحصافته وحكمته. ورجاجه عقله في كل امور الحياة سياسية كانت أو دينية. أو اقتصادية بعد أن عرك الحياة في شتي ميادينها. من الالتحاق ضابطا بالقوات المسلحة المصرية مدافعا عن مصر جنباً إلي جنب مع أبناء شعبه من أقباط ومسلمين.. شأنه شأن غيره من المسيحيين الذين قادوا جيوش مصر في حرب النصر. رمضان أكتوبر 1973. وعلي رأسهم اللواء فؤاد عزيز غالي. قائد الجيش الثاني الميداني في المعركة المنتصرة!!.
كان الفقيد العزيز. علي رأس الطوائف المسيحية علي مستوي العالم ولأن كاتب هذه السطور من علماء الأزهر الشريف حيث تخرج في كلية اللغة العربية عام 1965 بعد أن التحق بالعمل في حفل صاحبة الجلالة عام 1959 وهو طالب في الكلية فقد عاصر الكثير وقرأ عن الراحل العظيم الذي كان موسوعة أدبية وثقافية وشعرية وسياسية. ولا سيما حديث الأحد الذي ينشر بصفحة الرأي كل أسبوع بالأهرام وآخر مقالاته كان بعنوان "الله غير المحدود" بالصفحة العاشرة يوم 19 فبراير 2012. والذي تحدث فيه عن الموت. وكانه كان ينعي نفسه إلي العالم. بعد رحلة طويلة مع الكفاح والمرض!!.
لقد تكلم الفقيد الراحل عن صفات الله التي يختص بها وهي الخلق فهو وحده الخالق ولا خالق سواه.. ومنها أنه وحده غير محدود في كل شيء في معرفته وحكمته في الزمان. والمكان. والقدرة والعلم. وفي كل شيء.. وأضاف: "الله ليس فقط قادرا علي كل شيء بل هوا ايضا مصدر كل قوة" ومن قدرته غير المحدودة إحياء الموتي ليس فقط في أشخاص معينين ولكن الأكثرية يوم القيامة في آخر الزمان.. وهو مصدر كل قوة حيث يهب القدرة للملائكة. علي التنقل بين السماء والأرض في لمح البصر.. إنها قدرة يقف أمامها العقل البشري مبهوتاً ومذهولاً!!.
لن تنسي مصر ابنها البار شنودة الذي ساندها في كل المواقف. وخاصة أمام العدو الصهيوني في إسرائيل. ولا يزال حتي آخر لحظة من عمره يفضل وطنه مصر علي غيره من الاوطان حتي ضد المسيحيين في المهجر. والذين غالبا ما كانوا يسيئون إلي مصر. فما علمناه عنه أنه لم ينزل علي إرادتهم. ولم يوافق علي آرائهم .