اعترافات عصام شرف فى أجرأ حوار لـ"اليوم السابع" من هولندا: اختلفت مع المشير حول تصدير الغاز لإسرائيل.. وتقدمت باستقالتى 10 مرات..والقلق هو أكبر أخطائى أثناء تكليفى بالوزارة.. و"مفيش حد بدون أخطاء"
الأربعاء، 4 أبريل 2012 - 08:22
عصام شرف
أجرى الحوار فى لاهاى جمال جرجس المزاحم
الصدام بين «الإخوان» و«العسكرى» وارد.. والملعب السياسى كان فارغا فجاء بشخصيات اعتبروا أنفسهم الأغلبية
أعانى من الشائعات المغرضة ومنها أن مرتبى 4 ملايين جنيه وأننى قمت بتعيين ابنى فى بنك مقابل 40 ألف جنيه شهريا
نحن فى حاجة لرئيس له كاريزما لإعادة الثقة لدى المصريين.. ولا يمكن خداع الشعب فى انتخابات الرئاسة
الطرف الثالث هو صاحب المصلحة فى أن تكون مصر «رمادية اللون» والمحيطون بالرئيس المخلوع أوحوا له بأنهم يحمونه
أنا ومجموعة من الشباب المتحمس نعمل الآن تحت عنوان واحد «مصر دولة عظمى»
نقلاً عن اليومى..
مشهدان فى حياة الدكتور عصام شرف لا يمكن نسيانهما رغم الاختلاف الهائل بينهما، الأول تكليفه بتشكيل أول وزارة بعد الثورة بقرار من المجلس العسكرى فى 3 مارس 2011، والثانى اضطراره لتقديم استقالته فى 22 نوفمبر 2011 بعد تعالى الأصوات الداعية لإقالته.
شرف تولى رئاسة الحكومة بعد ارتفاع أسهمه إثر خروجه على رأس المسيرة الشهيرة لأساتذة الجامعات من جامعة القاهرة إلى ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير، للمطالبة بتنحى مبارك، ولذلك كان أول قرار له فور تكليفه النزول لميدان التحرير، وهناك حمله الثوار على الأعناق، وهتفوا باسمه واعتبروا تكليفه أول استجابة لمطالبهم، لكن حماسة الثوار الأولى لتكليف «شرف» لم تدم طويلا، وسرعان ما انفجرت فى وجهه عشرات الاعتصامات والمطالب الفئوية، وتصاعدت حدة الانفلات الأمنى، ولم يجد المتحمسون من الثوار والمواطنين ما كانوا ينتظرونه من تغييرات بعد الثورة، رغم محاولة الحكومة الإبحار بسفينة الوطن وسط الأمواج المضطربة للمرحلة الانتقالية واتخاذ قرارات لها طابع الثورية مثل إنشاء مكتب للثوار فى رئاسة الوزراء لاستطلاع آرائهم فى مختلف القضايا وضمان حق المصريين بالخارج فى التصويت فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وإنقاذ العلاقات المصرية الأفريقية من التدهور، وإلغاء تعيين عاطف عبيد ممثلا لمصر فى إدارة المصرف العربى، وقبل ذلك مراجعة كل عقود تصدير البترول والغاز إلى جميع الدول وخصوصا إسرائيل.
هذه الخطوات الإصلاحية لم تكن على قدر تطلعات الشعب الثائر الذى انتظر رئيس حكومة يمتلك الكاريزما يستطيع مخاطبتهم ودغدغة وجدانهم وتطلعاتهم، وليس رجلا طيبا ورقيقا مثل شرف، ولذلك انطلقت دعوات إقالته من ميدان التحرير المكان الذى شهد رفعه على الأعناق، وكانت قائمة المطالب لمليونية 9 سبتمبر تبدأ بإقالة الحكومة ومحاكمة مبارك بتهمة الخيانة العظمى ووقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وتطهير وزارة الداخلية.. وسبحان مغير الأحوال.
الآن وبعد 4 شهور من استقالة شرف وعلى هامش تكريمه من الاتحاد الدولى للطرق بهولندا بمناسبة فوزة بجائزة «رجل العام» تقديرا لدوره وأعماله فى مجالات الصناعة والتنمية وهندسة الطرق تحدث رئيس الوزراء السابق فى حواره مع «اليوم السابع» عن ملفات كثيرة، مثل خلافه مع المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى الحاكم واستقالاته المتكررة وتعليقه على أداء جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة ومواصفات الرئيس القادم وخطايا شباب الثورة وأخطائه هو شخصيا وسبب رفضه الترشح للرئاسة ليكشف عن الكثير من الأحداث التى مرت بمصر خلال 8 شهور و20 يوما قضاها رئيسا لمجلس الوزراء، والكثير من الأمور التى رفض الإفصاح عنها خلال توليه المسؤولية، وإلى نص الحوار..
توليت الحكومة 9 شهور تقريبا بعدما جئت على يد الثوار.. لماذا انقلب عليك الثوار ونظموا مليونيات لإقالتك؟
القلق هو أكبر أخطائى أثناء تولى هذه الفترة الصعبة، ولكن هذه هى طبيعة الثورات فى كل دول العالم، مضيفا: «مفيش حد يدعى أنه بلا أخطاء»، لكن هذه الفترة مهما وصفت كانت صعبة، فمصر كانت كل ساعة بها مظاهرات بشكل مستمر، كان جزء منها على حق والجزء الآخر مدفوعا، وأرفض الإفصاح عن ممولى هذه المظاهرات، وسأعلن عن تقييمى لهذه المرحلة خلال الفترة المقبلة.
لماذا انتظرت حتى نظم الثوار مليونيات لإقالتك ولم تبادر بتقديم استقالتك للمجلس العسكرى؟
تقدمت باستقالتى عشر مرات للمشير طنطاوى رئيس «المجلس العسكرى» ورفضها.
إصرار المشير على التمسك بك يعنى عدم وجود أى خلافات بين الحكومة والمجلس العسكرى وأنكم كنتم تنفذون كل ما يطلب منكم؟
بالعكس.. وقع خلاف بينى وبين المجلس العسكرى والمشير بالتحديد حينما قلت إن اتفاقية تصدير الغاز قابلة للمراجعة، رغم أن المشير كان معارضا لتصدير الغاز حينما كنت وزيرا للنقل، كما غضبوا منى فى إسرائيل لنفس السبب، وبحثنا الأمر، فوجدنا أنه مثل أى مشروع بين شركتين أو دولتين أو حتى شخصين، قابل للنقاش، وألف باء اقتصاد أنك لا تصدر المادة الخام، هذه الحفنة من الغاز التى تصدرها إذا أعطيتها لعدد من المصانع تنتج أى شىء ستكون القيمة المضافة أكثر، وإذا فقدت أى قيمة مضافة ممكنة فالإجراء الذى اتخذته خاطئ، والرخام الموجود فى سيناء يصدر بلا مقابل لأى دولة أجنبية، يغسلونه ويقطعونه ويرجعونه مرة أخرى إلينا كمنتج بعشرات ومئات الأضعاف، وأنت إذا غسلته فقط فقيمته تزيد ولو قطعته فقط فقيمته تزيد.
تعرضت لشائعات كثيرة بعد استقالتك.. ما أسباب تلك الشائعات فى رأيك؟
كنت أعانى أثناء وبعد استقالتى كرئيس وزراء من عشرات الشائعات المغرضة، مثل أن مرتبى 4 ملايين جنيه، وأننى قمت بتعيين ابنى ببنك بمرتب 40 ألف جنيه، فى حين أن ابنى يعمل موظفا فى السعودية وليس فى مصر، وآخر شائعة أن شقيقى «إبراهيم شرف» ترك الخدمة العسكرية أثناء أدائه لها بوساطة منى، وأنا أؤكد أن لدى ثلاثة أشقاء، الجميع يبدأ بحرف العين.
البعض يرى أن حكومة «عصام شرف» بلا إنجازات.. ما رأيك؟
أجرينا حراكا سياسيا، وجدت مخالفات فى الانتخابات لكن لم يوجد تزوير، لا عودة عن تصويت المصريين بالخارج، كل هذا لم يكن موجودا.
الحراك السياسى.. ستجد العاملين فى البيوت يتكلمون فى السياسة، والسائق يتكلم فى السياسة، كل هذا على قدر جودته على قدر ما يوجد تباينا بين الآراء، فالرجل المثقف غير رجل الشارع، إلى أن يحدث نوع من الهدوء.
كم كان مرتبك كرئيس للوزراء
كان مرتبى مثل أى وزير، وقمت أثناء عملى كرئيس وزراء ببيع ممتلكات لى من أجل ظروف الحياة الصعبة فى مصر.
ماذا تعمل الآن بعد أربعة شهور من استقالتك؟
أنا ومعى مجموعة من الشباب المتحمس نعمل تحت عنوان واحد «مصر دولة عظمى»، بدأنا بفكرة التعدين، ثم نتحاور الآن فى فكرة تطوير محور قناة السويس.. وهكذا، مصر لا يصح إلا أن تكون دولة عظمى، أنا أتفهم الاستعجال، لكن التاريخ يقول إن الدول تأخذ وقتا، وإن شاء الله يكون الوقت أقل بكثير بالنسبة لمصر، لكن من اللازم أن نأخذ وقتنا لكى لا نفعل شيئا خاطئا.
هل تتوقع أن تشهد مصر هدوءا كاملا بعد انتخابات الرئاسة؟
أتضايق حينما أسمع من يقول: انظر إلى ماليزيا وتركيا، هذه الدول على الأقل مر على ثوراتها من 15 إلى 20 سنة، فقد مرت بالخطوات الطبيعية فى الثورات، أنا واحد من الناس أتعجل، لأننى أعلم أن مصر ليست مثل كل هذه الدول، الله حباها بمقومات أن تكون دولة عظمى.
ما مواصفات الرئيس القادم فى رأيك؟
أن يؤمن الرئيس القادم أن مصر دولة عظمى، وليس بمجموعة معينة أو توجه معين، أن يكون شعبها على أعلى مستوى اجتماعى، وأن يكون اقتصادها كما يجب أن يكون، وسياسيا تكون مركزا للمنطقة كلها، مركزا للتعامل مع العالم بمختلف توجهاته، الرئيس لابد أن يؤمن بأن مهمته الأولى استعادة مكانة مصر، يجب عدم استعجال الأمور وإلا فسوف نعود إلى قص الشرائط.
لماذا؟
أعتقد أن الشعب المصرى الآن يريد رئيسا له درجة عالية من المصداقية، يستمع للشعب ويستوعبه، يعرف أن هذا الشعب تعب كثيرا، ويؤمن بـ«الاحتواء» وليس«المواجهة»، وجمال الشعب المصرى أنه حينما يثق فى قدوة معينة يستطيع أن يضحى، بالرغم من اتفاقنا أو اختلافنا مع «عبدالناصر» إلا أنه أثبت فكرة الزعيم، الذى يلتف حوله الناس وتلتف حوله دول أخرى.
هل الشعب المصرى يحتاج لرئيس يملك كاريزما أم يحتاج إلى رئيس له رؤية واضحة؟
نحن فى مرحلة نحتاج فيها أن تكون نظرة الشعب للرئيس إذا لم تكن ممتازة فتكون جيدة جدا على الأقل، لأن الناس فى درجة عالية من عدم الثقة، وبالتالى لا يقبلون أن تقول لهم: إننى وضعت خطة للتنفيذ فى أربع أو خمس سنين، لذلك لابد أن يملك الرئيس الكاريزما التى بها يلتف حوله الناس، ويتحملون بعض التعب لكى يستطيعوا أن يروا النتائج.
> هل يوجد فى المرشحين الحاليين من يصلح لمنصب رئيس الجمهورية فى رأيك؟
نعم يوجد واحد أو أكثر، لكن أنا فى ذهنى واحد أتمنى أن يفوز، كثير من الشباب يتصلون بى ليعرفوا، لكن ننتظر إلى أن يضع الكل أوراقهم، وسيحدث التفاف حول أحدهم بالتأكيد، الذى يستطيع فى السنين القليلة القادمة أن يثبت مصر، وبعد ذلك يتركها لتنطلق وحدها.
هل الخبرة مطلوبة فيمن يعتلى هذا المنصب الخطير؟
ماذا كانت خبرة عبدالناصر حينما كان عمره 34 سنة، لكن له كاريزما، والناس وثقت به، واستطاع أن يستوعب الشعب، رغم اختلافنا أو اتفاقنا معه، فنحن فى المرحلة الحالية وبعد ما كان حادثا من فجوة بين الحاكم والمحكوم، نحتاج واحدا يلتف حوله الناس.
هل تتوقع أن يجتمع المصريون على مرشح واحد من مرشحى الرئاسة أم أن هناك صعوبة فى ذلك؟
إذا كانت الأمور سهلة، فلن يكون هناك سبب للثورة، الثورة حدثت لوجود خلل كبير استلزم ثورة كبيرة، فمن الطبيعى أن يحدث الشد والجذب الكبيران، لذلك فالرئيس القادم عليه أن يكون له كاريزما تجعل الناس على الأقل يصبرون عليه.
هل يمكن أن تتدخل أمريكا وإسرائيل فى اختيار الرئيس القادم؟
أى جهة تظن أنها يمكن أن تخدع الشعب المصرى مرة ثانية واهمة.
لماذا رفضت الترشح للرئاسة؟
لأن هناك مرشحين على مستوى عال جدا، وقد يكونون أفضل منى، وأنا أشعر أننى أخدم البلد بصورة أخرى، وأشكر كل من طلب منى هذا الأمر بثقة، لكننى أعتقد أن هناك من هو أفضل منى فى أداء هذه الخدمة، إلى جانب أننى مثل من أكل طعاما كثيرا جدا فى الغداء، ويأتى آخر ويسأله ماذا تتعشى؟! فأنا خارج من تجربة، الحمد لله رب العالمين أنه وفقنا، ووفق من معى، على أن نعمل بإخلاص شديد لهذا البلد، سواء أجدنا أم لا، على الأقل ساهمنا ولو بقليل فى أن ندفع البلد فى الطريق الديمقراطى.
هل يمكن أن يضع الرئيس القادم حدا لسلب كرامة المصريين بالخارج خاصة فى دول الخليج العربى؟
بعض المتاعب التى يلاقيها المصريون بالخارج نتيجة غياب العمل المؤسسى، لابد أن توجد مؤسسة وراء المواطن المغترب تنظم خروجه من مصر ووجوده فى دولة أخرى مع مؤسسة نظيرة لها فى هذه الدولة الأجنبية، هذا لا يحدث فى حالات كثيرة، وإذا استردت مصر مكانتها فسينعكس ذلك على حالات كثيرة، وإذا استطاعت مصر أن تستغل عشر إمكانياتها، فهذا سيقلل الهجرة بشكل كبير جدا، ولابد أن نعطى لأنفسنا فترة سنة أو سنتين إلى أن تستقر الأمور لكى نستطيع أن نحكم عليها.
ما أخطاء شباب الثورة؟
لا شك أنهم شخصيات جيدة جدا، لكنهم غضبوا منى عندما قلت إنه من الخطأ وجود مائتى ائتلاف، وسط ويسار الوسط ويمين الوسط، أنا أعتقد أن الخطأ الكبير أنهم لم يتوحدوا تحت قيادة فى أول الأمر، الآن بدأوا، أنا أعلم أن بعضهم غاضب منى، أنا كنت أحضر معهم فى الأسبوع ثلاثة اجتماعات شبابية أو أربعة، وكنا لا نعرفهم، وكانوا يقولون لماذا هؤلاء؟ هذا ليس ذما فيهم، إنما لأنهم كانوا مؤمنين بقدراتهم وبالثورة.
تشكيل مجلس قيادة للثورة مهم جدا جدا جدا، لأن هؤلاء أصحاب حق أصيل فى الثورة، فلابد أن نساعدهم، لكن لا نستطيع أن نساعدهم وهم متفرقون.
هل هم مستمرون فى الأخطاء؟
لا.. بدأوا يتجمعون، وعلى المستوى الاجتماعى والمستوى الاقتصادى أفكارهم هائلة، وسعيد بأننى رئيس مجلس إدارة جمعية جديدة مهتمة بالتعليم تكونت من الشباب، واكتشفنا تلاميذ مستواهم الاقتصادى والاجتماعى سيئ بعض الشىء، فى السنة الرابعة أو الخامسة ولا يعرفون كيف يكتبون أسماءهم، وأنا أعتقد أنه مع قليل من الصبر، الشباب سيشعر بقيمة التضحيات التى قام بها، بعد أن تستقر الأمور، وتظهر أفكارهم فى الواقع.
هل تعتقد أن فوز التيارات الإسلامية، خاصة الإخوان، فى الانتخابات أحبط شباب الثورة؟
السياسة عامة ينبغى أن تجد فصيلا معيناً يصير الأغلبية، وربما فى بعض الأوقات يؤدى ذلك إلى حالة من الإحباط، ولكن على الجانب الآخر وفى إيمانك بوطنك، تقول إذا وقعت مرة فسأقف مرة أخرى، والمؤمن بفكرة يقع ويقوم، وغير ذلك لا يكون مؤمنا بهذه الفكرة، كلهم يؤمنون بأفكارهم جيدا لكنها مشتتة، وأنا قلت لهم من قبل أنتم متفرقون، وهناك آخرون ينزلون إلى الشارع، وهؤلاء هم الذين سيربحون، لأن رجل الشارع البسيط يريد أن يرى شخصا أمامه يخدمه ويمس شيئا داخله، والذى بداخل المصريين كلهم الدين والقيم العليا، لذلك فأنا أعتقد أن ما يحدث فى هذه الأيام، من الخطأ أن نبنى عليه باعتباره الحالة الدائمة، أنا دائما أقول إن هذه الثورة ثورة شعب لكن رأس الحربة هم الشباب، فالشباب صاحب حق أصيل فى القرارات وفى مسار الثورة وما يريدونه لابد أن يتحقق ذات يوم.
تابع