الكذب هو الحل
٧/ ٤/ ٢٠١٢
بقلم د.جميل برسوم
يرفع الإخوان المسلمون شعار «الإسلام هو الحل»، وهذا يتطلب منهم بالطبع أن يكونوا هم المثل الأعلى للتحلى بالأخلاق الحميدة التى يحث عليها الدين الإسلامى الحنيف، أكثر من أى دين آخر، فإذا ما لجأوا إلى الكذب والخداع، سقطوا فى أعين الجميع وفقدوا ثقة الناس فيهم وفى مصداقيتهم.
وآخر مثال على ذلك ما أعلنوه مراراً وتكراراً على لسان مرشدهم الأعلى ونائب المرشد الذى هو خيرت الشاطر نفسه، وآخرين من القياديين البارزين، سواء فى الجماعة أو الحزب، أنهم لن يرشحوا أحداً منهم فى الانتخابات الرئاسية، بل إنهم بالفعل قاموا بفصل عبدالمنعم أبوالفتوح من الجماعة عندما خرج عن إجماعهم وقام بترشيح نفسه، والعجيب أن الذى قام بفصله هو أيضاً خيرت الشاطر لتمسكه بالوعد الذى قطعه الإخوان على أنفسهم بعدم ترشيح أحد منهم للرئاسة!
ورغم هذا أعلن الإخوان فجأة ترشيحهم خيرت الشاطر نفسه لرئاسة الجمهورية!! وهو نائب المرشد ورجل الأعمال الملياردير، وهكذا نعود إلى زواج السلطة بالمال الذى كان من أهم أسباب قيام الثورة!
ولم يكن ذلك هو المثل الوحيد على حنثهم بالوعود، ولكن سبق أن أعلنوا قبل الانتخابات البرلمانية أنهم لن يترشحوا سوى على ٣٠٪ من المقاعد، ثم رفعوا هذه النسبة إلى ٥٠٪، ثم إذا بهم يترشحون على ١٠٠٪ من المقاعد! وبعد حصولهم على الأغلبية أعلنوا أنهم لن يستأثروا وحدهم باللجان النوعية فى المجلسين، إلا أنهم استحوذوا على ٩٠٪ منها!
كما أنهم أعلنوا عدم سعيهم لتشكيل الحكومة وأيدوا حكومة «الجنزورى»، إلا أنهم عادوا وهاجموا هذه الحكومة بشدة وشرعوا فى سحب الثقة منها! وفى لجنة إعداد الدستور قالوا إنهم سوف ينتخبونها من جميع أطياف المجتمع، وإذا بهم يسيطرون عليها، مما دعا أكثر من ٢٥٪ من أعضائها إلى الانسحاب احتجاجاً على حنث الإخوان بوعدهم مرة أخرى!
وإذا عدنا إلى استفتاء ١٩ مارس ٢٠١١ نجد أنهم لجأوا إلى خداع الناخبين والاحتيال عليهم بإيهامهم بأن من يقول «نعم» سوف ينصر الإسلام ومن يقول «لا» سوف يكون مؤيداً لأن يقوم المسيحيون بحكم مصر!! وقد استغلوا فى ذلك بساطة الشعب وتدينه وانتشار الأمية والفقر بينه، فهل هذا الخداع والاستغلال من مبادئ الإسلام التى يتخذها الإخوان شعاراً لهم؟!.. لا وألف لا.
بل وصل بهم الأمر إلى خداع المجلس العسكرى نفسه وخيانة العهد الذى أبرموه معه ووعدوه به فى أول الثورة من تأييدهم للمرشح الرئاسى الذى يقدمه الجيش سواء كان عسكرياً أو مدنياً أو موالياً له، مقابل أن يمكنهم من السيطرة على البرلمان بمجلسيه، وبعد أن أوفى المجلس العسكرى بوعده، وتمت سيطرتهم على البرلمان، إذا بهم يخونون العهد وينقلبون عليه ويرشحون واحداً منهم للرئاسة!!
وكان هذا أحد الأخطاء الكبيرة التى وقع فيها المجلس العسكرى وجلب كثيراً من المشاكل والفوضى والتخبط والصراعات فى المجتمع، وذلك بوثوقه فى الإخوان وتحالفه معهم لتبادل المصالح بينهما دون مصلحة الوطن وضد مصلحة الثورة التى تم القضاء عليها تماماً بهذا التحالف.
وسواء كان هذا الأمر أو ذاك فإن مصير الوطن قد أصبح لعبة بين أيديهما يتقاذفانها معاً، فيتفقان أحياناً ويتصارعان أحياناً لهدف واحد وهو الوصول إلى تحقيق مصالح ذاتية لهما دون مصلحة الوطن، وبذلك يكونا قد تآمرا على الثورة ونجحا فى القضاء عليها، والعودة بنا إلى النظام السابق ذاته الذى قامت الثورة لتغييره، فالجيش يريد استمرار سيطرة العسكر التى استمرت ستين عاماً من الديكتاتورية والقمع والفساد، والإخوان يعيدون سيطرة الحزب الواحد المتحكم فى كل مؤسسات الدولة ومقدراتها والانفراد بكل السلطات وتنحية أى فصيل آخر عنها، وما خفى كان أعظم!!
المصرى اليوم