ترحموا على بن لادن ولم يرحموا البابا شنودة
2012-3-31
بالرغم من الألم الذى انتاب مصر عند رحيل قداسة البابا شنودة الثالث، إلا أن شعاعاً من الضوء فى هذا الظلام الحالك، وكلمات عذبة تهمس فى أذنى تقول: مصر بخير.بكى صديقى وزميلى دكتور محمد دعبس لرحيل البابا، مئات الرسائل والتليفونات والزيارات، عزاء، ظهر المخزون الحضارى لمصر: نحن شعب واحد.
نعم نحن شعب واحد.. حين توحدت مصر بقيادة عمر مكرم، والمعلم جرجس الجوهرى، وطردت خورشيد باشا الظالم، وجاءت بمحمد على باشا، مؤسس مصر الحديثة.
نحن شعب واحد حين ذهب البابا كيرلس الرابع، أبوالإصلاح، لأنه أول من أسس مدارس للبنات، إلى إثيوبيا.. كرسول سلام، واستطاع إطفاء نيران الحرب التى كادت أن تشتعل بين مصر وإثيوبيا، كان ذلك فى عهد سعيد باشا.
نحن شعب واحد حين توحدت مصر ضد الخديو توفيق، واستطاعت أن تعيد الزعيم أحمد عرابى إلى منصبه بعد أن طرده توفيق، وكان البابا كيرلس الخامس وراء هذه العودة، كما كان أول من وقع على قرار استمرار الحرب ضد الإنجليز، كما وقع على وثيقة تطالب بعزل «توفيق»، لأنه خرج عن الشرع والقانون، كما أن اللورد كرومر طرد الأقباط من مناصبهم، واستبدلهم بالمسيحيين السوريين قائلاً: أقباط مصر أعداء لنا.. ولابد أن نبادلهم عداء بعداء، ويقول مصطفى مشهور: الأقباط يمكن أن يسهلوا مهمة العدو! اتق الله يا رجل، وتذكر الـ500 جنيه سنة 1928.
مصر بخير حين طرد البابا كيرلس الخامس المبشر الأمريكى يوحنا هوج من مصر قائلاً: جاء يبشرنا بالإنجيل.. والإنجيل عندنا من قبل أن يكون لأمريكا وجود فى هذا الوجود.
مصر بخير حين قضت الكنيسة على حزب أخنوخ فانوس، تحت التأسيس، لأن الأحزاب الدينية تمزيق للأمة «كما هو حادث الآن».
مصر بخير حين تلقى سينوت حنا طعنة قاتلة مسمومة حماية للنحاس باشا، ومات سينوت وعاش النحاس باشا.
مصر بخير حين كان محطَّم السلاسل ورئيس مجلس النواب، ويصا واصف، ومصر كلها ضد الملك فؤاد لأنه كان ضد الدستور، والآن نحن ضد البرلمان لأنه ضد الدستور!
مصر بخير حين كانت، ومازالت، على قلب رجل واحد، حتى إن المهاتما غاندى قال لسعد زغلول: مصر أستاذة للهند فى الوحدة الوطنية.
مصر بخير لأن مخزونها الحضارى فى ضفائرها الجينية يظهر فى اللحظات الفارقة، مثل ثورة 19، وحرب 73، وثورة 25 يناير 2011، ورحيل البابا شنودة، هذه اللحظات الفارقة تعلن للعالم أجمع أننا شعب واحد، جيناتنا واحدة فى 97? من المصريين المسلمين والمسيحيين، وأن هذه البثور الجلدية إنما هى بسبب رياح صحراوية، وعملاء أشرار فى داخل مصر يعملون لحساب الصهيونية العالمية، الممثلة فى أمريكا وإسرائيل، وبعض دول النفط والبترودولار، وكأن عمار هذه الدول يقوم على خراب مصر!
مصر بخير حين يعلن شيخ الأزهر سليم البشرى عند اغتيال بطرس باشا غالى: قليل من المسلمين فعلوا لبلادهم مثلما فعل هذا الرجل.
مصر بخير.. ومصر ولادة.. ويكفينا فى الوقت الراهن: أحمد زويل، مجدى يعقوب، فاروق الباز، البرادعى، عازر - ألمانيا، هادم خط بارليف بالماء، ولا أذكر اسمه لإصرار التخلف على تهميشه!
مصر بخير لأن كنيستها المصرية مؤسسة وطنية، وهى مجد عظيم لمصر، كما قال دكتور طه حسين.
رحل البابا شنودة.. بكته مصر، ونعته حماس، وقلة قليلة جداً من ساكنى مصر وليسوا مصريين.. ترحموا على بن لادن ولم يرحموا البابا شنودة!
قال المقريزى: سلمت مصر من الحر والبرد.. طاب هواؤها وخف بردها، وضعف حرها.. وسلم أهلها.. من صواعق تهامة.. وجرب اليمن، ودماميل «دمامل» الجزيرة، وطواعين «جمع طاعون» الشام !
المصري اليوم